top of page

Documenting my Art life.        توثيق حياتي الفنية

Art from the heart

Dia Aziz Dia

حوار مع  الأستاده عبير / جريدة الرياض  بتاريخ  19 يونو  2014م

 

  • حيرني سؤالك سيدتي ،، فكتابي صفحة واحدة لا تنطوي .. ولا اريدها ان تنطوي فهي ذكريات اجتر منها الحلو والمر واعيش كل لحظة منها لأضحك تارة وليغص قلبي فتذرف دموعي تارة ، فبها تتجدد التجربة وتتأكد العبر ،، وهي سلوى حياتي في هذا العمر . أن من اصعب لحظات الحياة ان تعلم متى ستنتهي حياة من تحب  ،، ومن اجمل اللحظات ان تقول لي حفيدتي انا احبك يا سيدو ... وها انا اذرف الدموع .

  • نذرت نفسي للفن ، فتركت بلدي واهلي وذهبت مع زوجتي الحبيبة رحمة الله عليها لدراسة الفنون في روما ، وهناك تكونت اسرتي الصغيرة بولادة ابنتي لمياء ،، وهناك تكونت شخصيتي الفنية بولادة اسلوبي . وكانت التجربة التي يتمناها كل محب للفن ، والتجربة التي أسست القاعدة التي بنيت عليها مشوار حياتي ، ويا له من مشوار. سألت نفسي في يوم  : ماذا فعلت في هذا المشوار ؟ ما هي نتيجة هذا المشوار وبعد ان انقضى العمر ؟ وكان جوابي لنفسي اني تركت أوهاماً على قماش، ولكنها أوهام تحمل كثراً من المشاعر وكثير من الانفعالات وكثير من الحب . فهل  هذه الأوهام  كذبه ؟

  • كانت مدرسة الثغر نموذجية بحق ، فقد أرادها الملك فيصل  رحمة الله عليه النموذج الذي يقتدى به ، وها نحن اليوم حيث يقف ابن من أبنائه وزيراً للتربية والتعليم ، وكلنا أمل أن ينجح في تحقيق حلم أبيه .

  •  

            أيام الثغر ،، أيام الصبا هي أيام الحب الأول ، حب الجمال ، الجمال بكل معانيه ،، فقد حبيت الموسيقى كلها الغربية والعربية والهندية. وحاولت العزف على مختلف الآلات الموسيقية ولكن لم أحاول التأليف . واستمرت الهواية ، ، واستمتعت بالعزف على الكمان احياناً والعود احياناً مع اهلي واحبابي وأصدقائي الذين منهم من كان يغني معي وأذكر بالذات زوجتي التي كانت تجيد أغاني أم كلثوم ، ومنهم من كان يعزف على آلة أخرى ولا تزال تتردد في اذني كلمات ( الله ) و ( يا عيني ) و ( طيب طيب )  فكم كانت تلك الأيام جميلة . أما الآن وبعد أن أصيبت بعض مفاصل يدي اليسرى ببعض التكلسات أصبحت لا اتجرأ العزف على الكمان ، فلا اريد ان تتشوه الصورة الصوتية التي ما تزال في ذاكرتي . اما الرسم فكانت حصتين متتالية وكانت اهم الحصص بالنسبة لي ، فكنت القائد والنجم في تلك الحصتين ، وكان يلتف حولي زملائي ليروا ما ارسم ،، واما آخر السنة فكنت من يعتمد عليه لإقامة معرض الحفل النهائي . وكان معي بعض الزملاء الموهوبين أذكر منهم صديقي ضياء الدين كونيش . وآخرين . وكنا نهتم بهذا الحفل حيث نتوقع حضور ولي العهد في ذلك الوقت الملك فيصل طيب الله ثراه  ومعه وزير التعليم الشيخ حسن آل الشيخ رحمة الله عليه وآخرين . الواقع ان مدرسة الثغر كانت اكثر من مدرسة  ، ورحمة الله على من كان قائما على ادارتها  في ذلك الوقت الأستاذ محمد فدا ، الذي كان مربياً قبل ان يكون معلماً . ومديراً  رائعا ، تخرج من تحت يده كثير ممن لهم شأن كبير في بلادنا .

 

 

  • لا شك ان لأبي وأمي الفضل في تحديد مسار حياتي ، فقد اعطياني الثقة منذ الصغر والحرية لاختيار ما احب أن أكون عليه . وقد كنت بدوري دائما أحاول ان أكون عند حسن ظنهما ، رحمة الله عليهما .  

  •  

والحمد لله عاش الوالد والوالده  حياة استمتعا فيها باحفادهما  لمياء وزاهد ودنيا . واحفادهما من أختي دلال ، بل وبأبناء احفادهما وهم احفادي عمرو وهلا و ليلى  قبل أن يتوفاهما الله راضيين علي وعلى اختي . واليوم افتقد تلك الجمعة التي كنا نجلس فيها على الغذاء معه نسمع منه القصص ونحكي له عن حياتنا ومخططاتنا ، مستمعين لنصائحه  . رحمة الله عليهما .

 

             اذكر ان كنت في سن الطفولة  أحاول تقليد آبي عندما كان يكتب بيده أو بالآلة الكاتبة ، فكنت ارسم اشكالا تشبه الكتابة محافظاً على الا تخرج عن السطر ، وهكذا اكتب هذه الأشكال سطراً بعد سطر معتقدا أني اكتب مثله ، وفي الواقع الأشكال لا تعني شيء وما هي الى خرشه منمقة . وكنت أرى أمي ترسم الزهور وورق الشجر بلمسات بسيطة  فكنت انبهر لجمال تلك الزهور الصغيرة ذات الألوان الجميلة ، ولكني لا اذكر اني حاولت تقليدها في ذلك الوقت ، ولكني عند بلوغي السابعة بدأت ارسم بالألوان الخشبية ثم المائية وبمرور الوقت رسمت بالزيت . واذكر في مرة اني رسمت لوحة زيتية على وجه مكيف هواء رمادي اللون وكانت تقليدا للوحة فنان اجنبي وكانت عبارة عن بحيرة جميلة  وكوخ خشبي  على هضبة تحيط به الأشجار،  وقد اتقنت الرسم فأصبح المكيف لوحة جميلة افتخرت بها ،، وفي اليوم التالي فوجئت بأن اللوحة قد مسح جزء كبير منها وتلطخت الوانها ، فبكيت وفجعت وسألت  صارخا وانا في حالة غضب شديد  كيف حدث هذا ؟ من الذي مسح لوحتي ؟ ولماذا ؟  فعلمت أن سيدي محمد رحمة الله عليه الذي كان نظره ضعيفاً  جداً كان يحتاج أن يتحسس بيده الجدار عندما يريد التنقل من مكان لآخر فمسح اللوحة التي لم تجف بدون قصد ، فحزنت كثيراً  وحزن هو واحرج  كثيرا وحزنت لحزنه وبكيت وانا اقبله وأقوله معليش يا سيدو ،، راح ارسم غيرها . 

 

  • شعرت وكأني أقف وقد تشققت الأرض تحتي بزلزال لا يرحم  شعرت اني على وشك السقوط في فجوات الأرض السوداء  ،، ولكني بينما اقاوم الهزات المرعبة   ، اذا بي أرى طفلة جميلة اسمها ( مايا )  تأخذ بيدي وطفل جميل اسمه ( ضياء )  يمسك بثوبي فيسكن الزلزال  وتنبسط الأرض امامي وها انا أرى طفلا آخر يناغيني اسمه ( محمد )  ،، كأن هؤلاء الأطفال ملائكة الرحمة جاءت لتملآ حياتي  وتعوضني ما فقده قلبي ، فما اصعب ان تفقد احب الناس الى قلبك في مرض عضال أو موت لا محال منه . ولكن ،، ماذا بيدنا ان نفعل سوى أن نقول " حسبنا الله ونعم الوكيل " وانا لله وانا اليه راجعون " .

  •  

  • لم افكر قط في الربط بين اسمي والضوء في لوحاتي ،، فالضياء  هو سر كل ما نراه  ،، وبطبيعة المواضيع التي اتناولها والأسلوب الذي أتبعه اجد المتعة في اظهار الضوء المنبعث والساقط على عناصر الموضوع او النور المنعكس من وسط الظل فذلك من أسباب جمال العمل الفني . 

  • لم اخشى قط من القفز فوق الحواجز المفاجئة والصعبة ، وقد مرت بي ظروف قاهرة استطعت تخطيها بعون من الله وبكثير من الصبر وبنصيب وافر من الحظ ، والحمد لله ، ولكن عندما تواجهك  ازمة تبذل كل ما في وسعك لحلها فتجد كل الأبواب مغلقة فلا تملك لحلها سوى الدعاء والتضرع الى الله عز وجل ورغم كل التوسل والدعاء تقع المصيبة ويتحقق المحتوم فحينئذ  لا تملك الا ان  تقول حسبنا الله ونعم الوكيل .

  •  

  • رسمت المرأة متألمة ورسمتها منتصرة وفرحة ومصدومة ، رسمتها شامخه ورسمتها جميلة وذكية ،، رسمتها طفلة ومراهقة وناضجه ،، المرأة في لوحاتي هي مركز الانتباه وهي اهم من الرجل ، فهي الأم الحبيبة والزوجة الحبيبة والأبنة الحبيبة والأخت الحبيبة . وهي صانعة الرجال والأجيال .  ولكن الغريب ان المرأة التي ارسمها من خيالي لا اعرفها ، فهي متغيرة ، وهي في خيالي وليست في ذاكرتي.

  •  

  • الحب في لوحاتي هو مقدار الجهد المبذول ،، والتفاني والصدق في التعبير عما يجيش في نفسي و ما يدور في خيالي وذاكرتي . ولقد كانت ليلى رحمة الله عليها ملهمتي وناقدي الأول بعد نقدي الذاتي وكانت محفزي ، وقد رسمت شخصيتها في بورتريه ، ولكن خلافا عن بيكاسو لم اشوه ملامحها فقد كنت معجب وعاشق لتلك الملامح وتلك الشخصية . وانا بطبعي ضد التشويه لأنه هدم ، فانا احب البناء واسعى نحو الكمال .

  •  

  • هي مجموعة من اللوحات تدور في خلدي ، أتمنى ان ترى النور ولكن الوقت لم يحن . ولو اني      رسمتها فسيتحتم على سجنها  في مكان آمن ولا يطلق سراحها الا عندما يكون الوقت ملائما . ولا اعتقد ان الوقت سيحن قريباً  فربما  في زمن احفادي أو أبناء احفادي ،، وربما لا يأتي ذلك الزمن أبداً . الله أعلم .

  •  

  • حبيتها وتأنقت لها وكان همي هو محاولة ابهارها دائما ،، فكان يسعدني ان أرى انطباعات ذلك الإبهار على ملامح وجهها الجميل . نعم عاهدتني ان تبقى معي إلى آخر يوم في حياتي ، ولكنها ورغماً عنها لم تستطع ان توفي بالعهد فرحلت ،، وتركتني وحيداً  ،، لا املك سوى الذكرى . واحمد الله اني املك ذكراها بشكل مرئي ومسموع  منذ ان اقترنا ببعض وحتى آخر الأيام . لقد كانت هي حياتي .

  •  

  • نعم الموسيقى هي محرك العواطف ومحفز المشاعر ، وفي كثير من الأحيان تنتقل الموسيقى عبر الريشة من لحن مسموع  إلى ألوان مرئية  ، وكم من ابعاد لونية وخطوط مرئية احيلت الى اعماقنا انغام مثيرة لمشاعرنا .

  •  

  • ذكرني سؤالك بلوحة بورتريه ( دوريان جريه ) لأوسكار وايلد . لأ طبعاً  رسمت نفسي اكثر من مره ، وكنت في كل لوحة اجد تأثير الزمن الذي يضيف خطوط النضج في وقت ثم خطوط  الوقار في وقت آخر ثم خطوط الكبر والعجز ، ثم خطوط الضعف والوهن . ولكن إذا تأملنا اكثر وتعمقنا في النظر في تلك اللوحات الذاتية  نجد ذلك الطفل ، الطفل البريء

  •  

  • الحزن العاصف والكاسر للقلب والروح هو ان ترى قسوة الزمان على من تحب .

  •  

 من له ضمير حي لا يستطيع الفرار من الحزن . من له خيال وذكرى مؤلمه لا يستطيع الفرار من تلك المناظر القاسية . واذا أراد الفرار فهو يعلم انه فرار مؤقت ،، فمن الممكن ان يتلهى الأنسان بما ينسيه مما يؤلمه ولكنه سرعان ما تعود الذكرى بأمور ولو كانت صغيرة ، فرب كلمة أو إشارة أو صوت أو طعم يعيد لك ذكرى مفرحة أو ذكرى مؤلمة . فلا مفر . ولذلك من الأفضل التعاطي مع الذكريات القاسية  فربما التكيف والتأقلم يخفف من آلامها.

 

  • اللوحة الفنية تتكون من فكر وتقنية وخبرة وأدوات يستطيع بها الفنان ان ينقل احساسه الى الوان وخطوط وقوام كتل لتصبح لوحة مثيرة .  فهي مثل المقطوعة الموسيقية  تحتاج إلى مؤلف موسيقي وهو( الفكرة ) وآلات موسيقية وهي ( الأدوات والأوان ) وعازفين وهي (  التقنية ) والقائد وهو ( الخبرة ) التي تستطيع ان تقود الأوركسترا لتخرج الى الوجود سمفونية  مرئية أو مسموعة . أو الإثنين معاً .  أما المبتذل ، فهناك من يهواه .  والعبثي فهناك من يرى فيه شيء ما . واما القيم والأخلاق الإنسانية  فالفن عالم كبير به كل ما يخطر بالبال . فهناك من يتذوق ما هو سيء ومن يتذوق ما هو تافه ، تماما مثل الذين يتذوقون الفكر والثقافة .

ولكن هناك معايير يعتمد عليها الناقد الجاد ، والمتذوق المثقف ، وحتى المتلقي العادي ، أما الناقد الجاد فهو يعتمد على تحليل اللوحة وتقييم مجموعة من العناصر المتعلقة  بالتفرد والمعاني والأسلوب والتقنية وتاريخ الفنان . وأما المتذوق المثقف فهو يعتمد على المقارنة ورصيده البصري وذاكرته   وما تقوله اللوحة  من معاني مباشرة او غير مباشرة فتلمس وجدانه  وتحرك مشاعره وتعيد الى ذاكرته ما كاد يذهب في بحر النسيان . أما المتلقي العادي وهو الأهم هو الذي يستطيع ان يقيم اللوحة بشكل مباشر ومن النظرة الأولى ، فهو لا يبرر ولا يحلل ولا يعتمد على المعايير العلمية او الفنية ، ولكنه من نظرة واحدة يقرر ان اللوحة تعجبه أو لا تعجبه.

 

  • السر ما يزال سراً .

  •  

ولكني اعترف بأن قلبي خفق عندما لمحتها ، وتنهدت طامعا عندما أحاط عبيرها فضائي ، وبرقت عيناي ثم خفت ضياؤها عندما رأيتها معه .

 

 

 

 

ضياء عزيز ضاء  saudi art dia aziz dia

bottom of page